إقتصاد القطامية هايتس

مارس ١٩٩٥

انكل شريف و طنط نادية أخدوا عربيتهم و معهم اولادهم على حتة جديدة سمعوا عليها من صحابهم في النادي اسمها القطامية هايتس

طنط نادية: الله يا شريف. شايف جمال البيوت و الجناين. و الميزة هنا كمان يا شريف أمان و معزولة عن الناس اللي برة. فيه سيكوريتي خاص بالكمبوند

أونكل شريف: مقدرش أنكر إنه حلو. بس ادفع نص مليون جنيه عشان أجي أعيش في الصحراء؟ دي هيو يا نادية هيو! ….(نص مليون جنيه بمقاييس أيامها كان مبلغ و قدره)

طنط نادية: يا شريف متبقاش نظرك قصير بكره المكان ده يعمر. و كمان دي جنب مدارس الاولاد. و لسة البريتيش سكول هتفتح فرع هنا السنة اللي جاية

انكل شريف: ربنا يسهل يا نادية

انكل شريف و طنط نادية استلموا الفيلا في يوليو ١٩٩٨ و ابنهم شادي في الاميريكان سكول و بيلعب في فريق الجولف في الكمبوند و ساره في البريتيش سكول و بتلعب تنس برضه في الكمبوند

يناير ٢٠٠٠

طنط نادية: شريف. بيقولوا فيه أوفر حلو على فيلل في الساحل تبع اعمار . ٢ مليون على 4 سنين. إيه رأيك؟

أونكل شريف: إيه لزمة الفيلا بس. هنحط ٢ مليون جنيه على إسبوعين في السنة؟ اهمدي بقي يا نادية. اهمدي

طنط نادية: إنت دائماً كدة بتوقف المراكب السائرة. صحابنا كلهم خدوا هناك. إسمع كلامي هنندم. دة إستثمار مضمون

أونكل شريف: حاضر هكلم عادل شهدي بكره أخلص معاه

شريف و نادية استلموا الفيلا في ٢٠٠٢ و بيصيفوا فيها كل سنة

سبتمبر ٢٠٠٥

طنط نادية: شفت نادين و رامي خدوا في السخنة. حتة دين فيلا!….سعرها معقول ٢.٥ مليون على ٣ سنين. يا بلاش

أونكل شريف: والله يا بلاش! أنا طول عمري نفسي في بيت شتوي كدة لطيف نطلع فيه كل ويكند. و مين عارف ممكن نقضي في وقت كثير لما نطلع معاش

طنط نادية: هبعتلك اميل بكرة بالتفاصيل بتاعة الكمبوند و كلم الراجل إحجز فيلا سميديتاشد زي بتاعة نادين

انكل شريف: حاضر

شريف و نادية استلموا الفيلا متشطبة كامل في ٢٠٠٨

أونكل شريف و طنط نادية موقفوش لحد هنا. عايزين برضه يأمنوا شادي و ساره. اشتروا لهم بيتين في باركسايد، كمبوند جديد لسة هيخلص في ٢٠١٣. المستوي الاجتماعي فيه عالي.

الحقيقة إن القصص اللي فاتت برغم انها من خيال الكاتب إلا انها مستوحاه من كلام كثير الواحد كان بيسمعوا في الدوائر اللي حواليه. إتجاه عام للطبقة الفوق المتوسطة و العليا الناشئة في عصر حسني مبارك انها تأمن نفسها عن طريق شراء عقارات في التجمعات السكنية الجديدة وسط الناس النضيفة و دوائرهم من النادي و أصدقاء العائلة و بمعزل عن باقي المجتمع اللي حالته ساءت و بقي حاله يصعب على الكافر. الطبقة الناشئة دي لا تتعدي ٥% أو ١٠٪ على الاكثر من المجتمع. هم رواد اندية الصفوة زي الجزيرة و هليوبوليس و المعادي …إلخ. نظام حسني مبارك الإقتصادي خلق فجوات هائلة ما بين الطبقات لدرجة استحالت معها التعايش السلمي ما بين أبناء البلد الواحدة. فا بقينا نلاقي طنط نادية و أونكل شريف في مرتفعات القطامية هايتس اللي فيها الجولف و وراهم بشارعين منطقه الزلزال العشوائية عايش فيها أبو قشف و زيزو و عنايات الكهرباء بتقطع عليهم كل يوم.

بالرغم إن دي مشكلة كبيرة بس أنا في المقالة دي عايز أتكلم عن الإقتصاد أكثر. عايز أتكلم إن التوسع العقاري الهائل اللي بدأ في عصر مبارك ما خدمش غير نفس الناس. ناس زي أونكل شريف و طنط نادية. انكل شريف و طنط نادية هما ممثلين عن نفس الطبقة اللي بتشتري في كل حتة. اللي بيشتري في الساحل هو اللي بيشتري في الجونة هو اللي بيشتري في القطامية هايتس هو اللي بيشتري في السخنة هو اللي بيشتري بيوت عشان يأمن ولاده. ده معناه إيه؟ معناه ببساطة إن نفس الناس اللي معها فلوس هي نفس الناس اللي بتشتري و بدخل فلوس في جيوب ناس ثانية من نفس الطبقة الضيقة دي. فا أونكل هشام صاحب باركسايد بيبني عشان أونكل شريف و طنط نادية يسكنوا.

التوسع العقاري الهائل اللي حصل من أوائل التسعينات على طول الساحل الشمالي و التجمعات العمرانية السكانية الجديدة و السخنة و و مترجمش لتنمية إقتصادية حقيقية. مترجمش لإرتفاع في مستوي معيشة المواطن المصري العادي. هو اترجم لمضاربة في سوق العقار نتج عنه فقاعة أدت لإرتفاع أسعار و بالتالي حصل نمو، نمو ال-٧٪ اللي مبارك و حكومته التكنوقراط أبناء طبقة القطامية هايتس كانوا بيتباهو به لكن للأسف محصلش تنمية من أي نوع.

التنمية العقارية مش شئ وحش في حد ذاته. لكن هو مش العنصر اللي بيحقق تنمية و بيرفع التنافسية بالمعني الإقتصادي المتعارف عليه. في الاخر هو شوية أسمنت. اللي بيرفع من قدرات الاقتصاد الحقيقي و الإستثمار في الصناعة و الزراعة و التكنولوجيا و القيمة المضافة. مشكلة برضه النموذج ده إنه اقصائي، بمعني إن برغم التوسع العقاري الهائل ده، مصر لسة بتعاني أزمة سكن عشان أغلب الناس ماتقدرش تدفع المبالغ دي عشان تسكن في الكمباوند. الدولة تجاهلت الإسكان الاجتماعي بكافة اشكاله. تجاهلت إصلاح المنظومة الإيجارية تماماً (إسأل جدك هتلاقيه جاب شقة و اتجوز فيها ب-١٠ جنيه في الشهر).

مشكلة النموذج دة برضه إنه بقي شبه الاستثمار الوحيد المتاح أدام البني أدمين المصريين. عشان تخلي بالك على فلوسك، حطها في عقار. ده طبعاً معناه إن الفلوس اللي طلعة من جيب الناس مبترحش في إنتاج بالمعني انما بتروح في مضاربات عقارية ما عليهاش ضرائب.

كل دة كان في زمن فات، أيام مبارك. المشكلة الحقيقية إن النموذج القائم تحت حكم السيسي هو نسخة طبق الاصل من النموذج الإقتصادي المباركي القائم على التوسع العقاري. ٤٥ مليار دولار للعاصمة الجديدة، اتفاقيات ب-١٩ مليار لبالم هيلز في المؤتمر الإقتصادي و غيرها من المشروعات في الساحل الشمالي و التجمعات العمرانية الجديدة. نفس النموذج القائم على تنفيع المحاسيب و المقاولين المصريين و الحلفاء العرب و إستغلال لطبقة عندها قدرة شرائية مهولة مع استبعاد ممنهج للاغلبية و بدون مراعاة لأهداف طويلة الامد تتعلق بالتنافسية و الإنتاجية.

نموذج القطامية هايتس التنموي مش بس نموذج إقتصادي فاشل بس خطر على المجتمع لأنه بيخلق جيتو للاغنياء في مقابل جيتو للفقراء في العشوائيات.

و للحديث بقية

3 comments

  1. urbanizatiion is a key component of development. Increase in income per capita levels is correlated to urbanization rate. In a country experiencing a demographic shift, rates of growth in construction should be high. Yes real estate can be u democratic but so is industrial development. There is an inherent problem in growth when it comes to distribution. Those with capital will grow faster. Those with education will grow faster. Those in cities will grow faster. Younger will grow faster and men will grow faster!

    Liked by 1 person

Leave a comment