كتب: حسين كمال
انتهت منذ أيام قليلة فعاليات المؤتمر الإقتصادي المصري تحت عنوان مصر المستقبل. كان الهدف الاساسي من المؤتمر هو إعادة الثقة في الاقتصاد المصري و قدرته على جذب الاستثمارات بعد سنوات عجاف بعد الثورة المصرية. قبل بدء فعاليات المؤتمر اتخذت الحكومة حزمة من الإجراءات أو الاصلاحات لتحفيز عملية تدفق الاستثمار الاجنبي. هذه الحزمة بدأت بقرارات تخفيض دعم الطاقة و اجراءت تقشفية لتخفيض عجز الموازنة العامة و بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة. من ضمن الاجراءات الهامة أيضاً هو تعديل قانون الاستثمار لتسهيل العقبات البيروقراطية على المستثمر و تحفيزه عن طريق الاجازات الضريبية و تخصيص الاراضي بالأمر المباشر. قانون الاستثمار منح المستثمرين حصانة قضائية غير مسبوقة وفتح باباً للفساد بإعطاء رئيس الوزراء سلطة منح «حوافز» وإعفاءات تقديرية، وصولاً إلى قانون الإرهاب الذي تبدو الصياغة الفضفاضة لبعض مواده سيفاً مشهراً على رقبة العمال والكيانات النقابية لمصلحة رجال الأعمال. بالإضافة إلى ذلك يعطي القانون فرصة للحكومة و المستثمرين فرصة التصرف بالأموال و الأملاك العامة بدون رقابة شعبية من أي نوع. الحكومة كانت قد اعدت حوالي 28 مشروع، تمت صياغتهم من قبل بنوك إستثمار و مكاتب استشارية عالميه لكي يتم عرضهم خلال المؤتمر، كما صرح أشرف سلمان وزير الاستثمار. يتابع الوزير القادم من خلفية البنوك الاستثمارية أن الحكومة تطمح لجذب 2,5 مليار دولار في الربع الثاني من العام و 10 مليارات في نهاية العام المالي 2014/2015. يقول سلمان أن رفع المستوي الائتماني لمصر من B- سالب الي B لأول مرة من ١٩٩٧ من قبل مؤسسة فتش يعد مؤشر إيجابي جداً و يشير إلى إزدياد الثقة في الاقتصاد المصري. من الجدير بالذكر أن تلك المؤسسات الدولية المسؤولة عن التصنيف الائتماني لعبت دورة محورياً في إنهيار الاقتصاد العالمي في ٢٠٠٨ عن طريق إعطاء تصنيفات ائتمانية مرتفعة لمنتجات مالية عالية المخاطر و بغير قيمة حقيقية مما أدي في نهاية الأمر للازمة المالية التي ما زال العالم يعاني منها حتي الان.
الصورة تبدو وردية إلى حد كبير لكن الشيطان يكمن في التفاصيل. قبيل المؤتمر لم تعلن الدولة عن أي تفاصيل تخص ال-28 مشروع ولا تفاصيل بخصوص قانون الاستثمار الذي صدرقبل أيام معدودة من بدء فعاليات المؤتمر. لم تعلن أية تفاصيل للمستفيد الرئيسي من تلك المشاريع و هو الشعب المصري. قوانين و مشاريع بتلك الاهمية رأت الحكومة فيها سرا يجب اخفاؤه عن عموم المصريين و إعلانه فقط للمستثمرين و الممولين. لا يبدو أن الشفافية و الحوار المجتمعي حول القضايا العامة على جدول أعمال السلطة الحالية. بالإضافة إلى ذلك، الوضع الامني و الصراع السياسي و استبعاد قطاعات واسعة من الشباب لا ينبئ بمناخ جاذب للاستثمار الإنتاجي طويل الامد.
في خلال المؤتمر تم الإتفاق على حفنة من المشاريع التي يمكن الاستشفاف من طبيعتها على توجه السياسة الاقتصادية للنظام الحالي. فطبقاً لما أعلنته الحكومة، بلغت حصيلة وعود الاستثمارات والاتفاقات في المؤتمر147 مليار دولار، استحوذت على ثلثيها ثلاثة مشاريع عقارية فقط هي العاصمة الجديدة (45 مليار دولار) و«جنوب مارينا» (24 مليار دولار) و«واحة أكتوبر» (20 مليار دولار).
وبصرف النظر عن جدوى مشروع العاصمة الجديدة الذي أسند بالأمر المباشر إلى شركة أجنبية ولم يطرح على نقاش عام رغم أهميته وتكلفته الكبيرة، لا يحتاج المرء إلى كثير من المعرفة الاقتصادية ليدرك حجم الإضافة التي يقدمها بناء منتجع سياحي آخر في الساحل الشمالي أو «كومباوند» جديد على أطراف القاهرة «يضم ملاعب جولف وواحة ترفيهية»، بحسب وزير الإسكان!
لكن ما يعنيني هنا هو مناقشة جدوى الاستثمار الاجنبي كنموذج للتنمية. الحكومة تقول أن مصر في أمس الحاجة إلى تدفقات مالية في شكل استثمارات أجنبية كي تعود عجلة الاقتصاد للدوران مرة أخري. لذا إتخذت الدولة كل أشكال الاجراءت التي تضمن لها جذب المستثمرين و تحسين مناخ الاستثمار. تضمنت تلك الاجراءت تسهيلات غير مسبوقة مثل ١٥ ألف جنيه إعفاء على المستثمر في مقابل كل وظيفة جديدة و اجازات ضريبية و حصانة من القضاء. في المقابل لا يبدو أن مصر سوف تلزم المستثمرين بأي أهداف اجتماعية واقتصادية محددة على المدى الطويل من حيث تدريب العمالة والأجور، ونقل التكنولوجيا، تطوير الكفاءة الادارية و توسيع و تعميق القدرات الإنتاجية المصرية في مجالات حيوية مثل الصناعة و الزراعة.
في النظرية الاقتصادية الكلاسيكية الهدف من وراء الإستثمار الاجنبي المباشر في غاية البساطة. الدول النامية عادةً ما تتميز بمعدلات إدخار منخفضة مما يعوقها عن توفير المال اللازم للتنمية و الاستثمار. من هنا تأتي أهمية الاستثمار الاجنبي المباشر ليس كعنصر تمويل فحسب بل من المنتظر أن تأتي معه حزمة من التقنيات الحديثة و المهارات و أساليب إدارة متطورة لنقلها للبلد المضيف. ومع ذلك، الاستثمار الأجنبي المباشر ليس الدواء الشافي لداء الدول الفقيرة كما يتصور البعض. قد يكون للاستثمار الأجنبي المباشر أثر سلبي على موقف النقد الأجنبي للبلد المضيف في المدى الطويل. الاستثمار الأجنبي المباشر قد يجلب العمله الصعبة، ولكن يمكنه أيضا خلق طلب متزايد عليه (إستيراد معدات، قروض أجنبية….إلخ). وبالتالي يتفاقم وضع ميزان المدفوعات للبلد المضيف. من الطريف أن ضبط ميزان المدفوعات هو من أهم أهداف الحكومة الحالية.
وثمة مشكلة أخري في الاستثمار الأجنبي المباشر هو أنه يخلق ما يسمى “التسعير التحويلي”. و ممارسة تنخرط فيها العديد من الشركات العابرة للقارات. تلك الممارسة هي أن فروع تلك الشركات تصمم سياستها التسعيرية في كل دولة (حسب نظام الضرائب فيها) بشكل يسمح لها بتعظيم ربحيتها. وجود ما يسمع بالملاذات الضريبية سهل من إنتشار تلك الممارسة، لذلك يمكن للشركات تحويل أرباحها إلى شركة مسجلة في ورقة واحدة من تلك الملاذات الضريبية. يزعم الكثيرون أن هذه ليست معضلة في حد ذاتها لأنه بدون الاستثمار الأجنبي المباشر لن تم توليد الدخل الخاضع للضريبة في المقام الأول. لكن تلك الحجة لا تشفع للاستثمار الاجنبي لأن جميع الشركات تحتاج لموارد إنتاجية مثل التي تقدمها الحكومة بأموال دافعي الضرائب مثل الطرق وشبكة المواصلات و الموانئ و المطارات، والعمال الذين تلقوا تعليمهم في المدارس الحكومية الممولة أيضاً من دافعي الضرائب.
أبرز مشاكل الاستثمار الأجنبي المباشر هي فرضية نقل التكنولوجيا والمهارات و الكفاءة الإدارية التي من المفترض أن تأتي بصحبتها. وعلى الرغم من هذا الافتراض النظري، فإن الواقع يبدو شديد البعد عن تلك الفرضية. هناك نوعان من الاستثمار الأجنبي المباشر. الاول هو ما يسمي بإستثمار الجرينفيلد ، حيث تقوم شركة ببناء مصنع أو وحدة إنتاجية . هذا بلا شك إلى القدرة الإنتاجية للبلد المضيف. لكن في واقع الامر، الكثير من الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر وحول العالم هو ما يطلق عليه إستثمار برونفيلد . و هو عملية إستحواذ المستثمر الاجنبي على شركة محلية قائمة بالفعل وبالتالي لا تحدث إضافة في البنية الإنتاجية للدولة المضيفة ولا تطوير في ادائها التكنولوجي.وائل جمال، وهو صحفي مصري بارز متخصص في الشؤون الاقتصادية يؤكد مزاعمي. يقول وائل جمال إذا نظرنا إلى عملية إستحواذ المستثمرين الأجانب على صناعة الأسمنت المصرية يمكنك ملاحظة تحسنا على المدى القصير لكن تدهورا على المدي الطويل للاقتصاد الوطني وذلك للأسباب المذكورة أعلاه. معظم الشركات الاجنبية المستثمرة في مصر تحول حصة كبيرة من أرباحها إلى الخارج حيث لا توجد قوانين في مصر تلزم المستثمرين الأجانب لإعادة استثمار الأرباح أو أجزاء منها داخل البلاد. الجزائر، على سبيل المثال، تجبر الشركات على إعادة استثمار ما لا يقل عن 50٪ من الأرباح في الجزائر.
بحسب النظرية الاقتصادية الكلاسيكية لا تقتصر القيمة المزعومة للاستثمار الأجنبي المباشر إلى الاستثمار الاساسي فقط لكن أيضاً ما يكتسبه العمال والمديرين المحليين من (المهارات) فضلاً عن شراء المدخلات من المنتجين المحليين الذين قد ينقلون التقنيات الحديثة من خلال شراكتهم مع المستثمر الاجنبي ما يعزز قدرات الصناعة المحلية و تطوير قدرتها الإنتاجية. لكن هذا أيضاً قلما يتحقق لإن الشركات الأجنبية تفضل استيراد المدخلات بينما ينخرط العمال في أعمال بدائية تقيد فرص اكتسابهم لمهارات أعلي. في واقع الامر هذا موقف غاية في المنطق من قبل الشركات و المستثمرين الاجانب، لا يوجد سبب منطقي يدعو تلك الشركات الناجحة لنقل مزاياهم التنافسية لبلد أخر و منافس محتمل.يمكن تغيير هذا الوضع إذا ربطت الحكومة المستثمرين الأجانب بما يسمى “متطلبات الأداء” (performance requirements). حيث تلزم الحكومة المستثمر بأهداف تنموية بعينها فيما يخص نقل التكنولوجيا و تدريب العمال و شراء المدخلات الشراء من الموردين المحليين و تطوير البنية التحتية و البشرية. للأسف، إلزام المستثمرين الأجانب بمتطلبات الاداء غير حادث في الحالة المصرية. في أغلب الاحوال لا تلجأ الشركات متعددة الجنسيات إلى شراء المدخلات من الموردين المحليين و تستورد أكبر قدر من المدخلات مما يقلل إحتمالية نقل التكنولوجيا و الاستفادة من الخبرات الاجنبية في الصناعة المحلية مما يلحق ضرر بالغ بميزان المدفوعات. يمكن للبلدان القوية اقتصاديا فقط ربط المستثمرين الأجانب بأهداف تنموية بعينها. عندما أرادت نيسان إفتتاح مصنع في المملكة المتحدة في عام ١٩٨١ كان يتعين عليها أن توافق على شراء 60٪ من المدخلات محليا، وترتفع إلى 80٪ على المدى الطويل. نفس الحالة تنطبق على فورد وجنرال موتورز – في بلد تحكمه في ذلك الوقت رئيسة الوزراء “الليبرالية”، مارغريت تاتشر. يعرض الاستثمار الاجنبي المباشر الغير مربوط بأهداف الدولة التنموية الصناعة المحلية الناشئة لمخاطر جمه. مجرد تعرض الصناعات الصغيرة لمنافسة عالمية أمام كبري شركات العالم قبل إشتداد عودها يعرضها للانقراض قبل بدء مسيرتها.
الولايات المتحده، فنلندا، اليابان، المملكة المتحدة وكوريا ومعظم الدول المتقدمة لم تفتح أبوابها قط للمستثمرين الأجانب في بدايات رحلة التقدم الإقتصادي و التراكم الرأسمالي. اتبعت تلك الدول سياسات محددة لتعزيز الصناعات المحلية مثل القيود على الملكية، ومتطلبات أداء على الصادرات، و ربط الحوافز بنقل التكنولوجيا للدولة المضيفة أو إجبار المستثمر بشراء مدخلات مصنعة محلياً، و إصرار حكومي على مشاركة المسثمر الاجنبي و الخاص بصفة عامة و وضع الحواجز و عراقيل لما يسمي بإستثمارات البراونفيلد كما يقول ها-جون تشانغ الإقتصادي الكوري البارز بجامعة كامبردج البريطانية.
اليابان لم تفتح ابوابها للمستثمر الاجنبي في مجال السيارات في سبعينيات القرن الماضي مع بدايات اختراقها لتلك الصناعة.بالاضافة الي ذلك، يتيح النجاح الذي حققته نوكيا شركة الهاتف المحمول الفنلندية الشهيرة مثال جيد لقصور نموذج التنمية على أساس الاستثمار الاجنبي . احتاجت نوكيا ما يقرب من ١٧ عام حتي تحقق أولي ارباحها. و لم تكن لتحقق أو تتحمل تلك التكلفة إلا بسبب حمايتها من قبل الدولة ضد عمليات الاستحواذ المشبوهة من أباطرة الاستثمار الاجنبي. نوكيا الآن ثاني أكبر منتج للهواتف المحمولة في العالم. نوكيا مثلها مثل العديد من الشركات متعددة الجنسيات اليوم كانت محمية خلال سنواتها الأولي خلال عملية اكتساب الخبرات الصناعية من عمليات الاستحواذ الأجنبية. إن تم الإستحواذ عليهم لم نكن لنري شركات عملاقة بحجم نوكيا و تويوتا و سامسونج. لم تلجأ تلك الدول لتحرير صناعتها و فتح المجال أمام الاستثمار الاجنبي إلا عندما وصلت تلك الشركات و الصناعات إلى مستوي معين من التطور و النضج يسمح لها أن تنافس على المستوي الدولي.
الدول النامية ومنها مصر تواجه مفارقة فيما يخص الاستثمار الاجنبي. من أجل الاستفادة من الاستثمار الأجنبي المباشر، فإنها تحتاج أن تصل إلى مستوى معين من التنمية الاقتصادية، أو ما يسمي ب”القدرة الاستيعابية”. البلدان التي لا تملك القدرة أو النضج الصناعي الكافي لا يمكنها استيعاب التكنولوجيا الأتية مع المستثمر الاجنبي إن أتت و التي تحتاج الصناعات المحلية إلى تقليدها. كما تقول سانجايا لال من جامعة أكسفورد، “في البلدان ذات القدرات المحلية الضعيفة، التصنيع يجب أن يكون أكثر اعتمادا على الاستثمار الأجنبي المباشر. ومع ذلك،لا يمكن للاستثمار الأجنبي المباشر دفع عجلة النمو الصناعي دون قدرات محلية أو استيعابية متطورة”
صحيح أن مصر في حاجة لاستثمارات جديدة بعد سنوات من الاضطراب منذ عام 2011. ما أقوله هنا هو أن مجرد الاستثمار الأجنبي المباشر أو حتى الاستثمار المحلي غير كافي لتحقيق التنمية الاقتصادية على المدى الطويل. الاستثمار في الشوكولاتة أو مراكز التسوق يختلف شكلاً و موضوعاً في تأثيره على الاقتصاد عن الاستثمار في الحاسبات الالية و السيارات والطاقة المتجددة. نوع الاستثمار هو بيت القصيد هنا. تبذل مصر تضحيات مالية ضخمة (الإعفاءات الضريبية) في سبيل جذب أموال المستثمرين دون أي ضمانات بتحقيق أهداف تنموية حقيقية. ومن الجدير بالذكر أن مصر تحتل المرتبة 112 من بين 189 بلدا في قائمة سهولة ممارسة الأعمال الحرة وفقا للبنك الدولي. والسبب وراء انخفاض ترتيب مصر هو أبعد ما يكون عن عدم وجود حوافز مالية للمستثمرين. المكونات الرئيسية للمؤشر تتكون من : 1. سهولة بدء الأعمال التجارية 2. التعامل مع تراخيص البناء 3. الحصول على الكهرباء 4. تسجيل الملكية 5. الوصول إلى الائتمان 6. حماية المستثمرين دفع الضرائب أقلية 7. 8 . التجارة عبر الحدود 9. إنفاذ العقود 10. حل مشاكل الإعسار و الافلاس. علاوة على ذلك، نوعية البنية التحتية تعد ذات أهمية قصوى لجذب الاستثمارات الفعالة للتنمية. معدلات الضرائب التجارية المنخفضة لا تعد عنصر جذب للاستثمارات والولايات المتحدة الأمريكية دليل عملي على ما أقول. الولايات المتحدة لديها واحدة من أعلى معدلات الضرائب التجارية للشركات في العالم، وتعتبر واحدة من أكبر البلدان المتلقية للاستثمار الأجنبي المباشر. الدول الاسكندنافية هي الأخري التي تشتهر بإرتفاع معدلات الضرائب على الدخل و على الشركات تصنف على أنها من أهم الدول الجاذبة للاستثمار.
ما الحل إذن؟ مصر تحتاج إلى أجندة سياسية جديدة تتم فيها مراجعة النموذج الاقتصادي الحالي بعناية. تكرار النموذج الجمال مباركي في التنمية لابد و أن يؤدي إلى نفس النتائج التي تم الوصول إليها قبل الثورة. نظريات تساقط ثمار النمو قد تم القضاء عليها بالضربة القاضية فعلياً مع حلول أزمة ٢٠٠٨ العالمية و اثبتت انهيارها في مصر مع إنطلاق شرارة الثورة. قوى السوق لا يمكن أن تكون بديلا عن دور الحكومات في تطوير وتعزيز سياسة صناعية طويلة الامد تضع سياسة أشمل للتنمية دون الانحصار داخل المتاهات الرقمية التي تري في عجز الاقتصاد المصري نقص في الاموال فحسب. وبالتالي، فإن ما تحتاج إليه مصر للنظر هو إنتقاء الاستثمار الاجنبي المباشر، حيث تسمح للاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات التي لا تضر الصناعات المحلية. ويجب أيضا أن يسمح الاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات ذات القيمة المضافة حيث مصر قد تفرض متطلبات الأداء مع ربط الحوافز والإمتيازات بجدول زمني مرهون بتحقيق الاهداف المتفق عليها مع الدولة. و لابد من منع الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية لمصر التي تري فيها الدولة فرصة لتحقيق إختراقات تكنولوجية أو توجد لمصر مزايا تنافسية يمكنها أن تتحول للاعب دولي على المسرح الإقتصادي العالمي إن اتيحت لها الحماية والدعم والإمكانات.